فصل: الشاهد التاسع والتسعون بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن بيعة الواثق يحيى بن المستنصر وهو المشهور بالمخلوع وذكر أحواله.

لما هلك السلطان المستنصر سنة خمس وسبعين وستمائة كما قدمناه اجتمع الموحدون وسائر الناس على طبقاتهم إلى ابنه يحيى فبايعوه ليله مهلك أبيه وفي غدها وتلقب الواثق وافتتح أمره برفع المظالم وتسريح أهل السجون وافاضة العطاء في الجند وأهل الديوان وإصلاح المساجد وإزالة كثير من الوظائف عن الناس وامتدحه الشعراء فأسنى جوائزهم وأطلق عيسى بن داود من اعتقاله ورده إلى حاله وكان المتولي لأخذ البيعة عن الناس والقائم بأمره سعيد بن يوسف بن أبي الحسين لمكانه من الدولة ورسوخه في الشهرة فقام بالأمر ولم يزل على ذلك إلى أن نكبه وأدال منه بالجبر والله أعلم.

.الخبر عن نكبة ابن أبي الحسين واستبداد ابن الجبر على الدولة.

هذا الرجل اسمه يحيى بن عبد الملك الغافقي وكنيته أبو الحسن أندلسيا من أعمال مرسية وفد مع الجالية من شرق الأندلس أيام استيلاء العدو وكان يحسن الكتابة ولم يكن له من الخلال سواها فصرف في الأعمال ثم ارتقى إلى خدمة أبي الحسين فاستكتبه ثم رقاه إلى ولاية الديوان فعظمت حالته وكانت له أثناء ذلك مداخلة للواثق ابن السلطان واعتدها له سابقة فلما استوثق الأمر رفع منزلته واختصه بالشورى وقلده كتاب علامته وكان سعيد بن أبي الحسين مزاحما له منافسا لما كان أسف من تقديمه فأغرى به السلطان ورغبه في ماله فتقبض على أبي سعيد بن أبي الحسين لستة أشهر من الدولة سنة ست وسبعين وستمائة واعتقل بالقصبة واستقل على معلة ابن ياسين وابن صياد الرجالة وغيرهم وقدم على الأشغال مدافعا في الموالي المعلوجين ووكل أبا زيد بن أبي الأعلام من الموحدين بمصادرة ابن أبي الحسين على المال وامتحانه ولم يزل يستخرج منه حتى ادعى الاملاق واستخلف فخلف ثم ضرب فادعى مؤتمنا من ماله عند قوم استكشفوا عنه فأدوه ثم دل بعض مواليه على ذخيرة بداره دفينة فاستخرج منه زهاء ستمائة ألف من الدنانير فلم يقبل بعدها مقاله وبسط عليه العذاب إلى أن هلك في ذي الحجة من سنته ودفن شلوه بحيث لم يعرف مدفنه.
واستبد أبو الحسن الجبر على الدولة والسلطان وبعث أخاه أبا العلاء واليا على بجاية وأسف المشيخة والبطانة بعتوه واستبداده وما يتجشمونه من مكابرة بابه إلى أن عاد وبال ذلك على الدولة كما نذكره إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن إجازة السلطان أبي إسحق من الأندلس ودخول أهل بجاية في طاعته.

كان السلطان المستنصر قد عقد على بجاية سنة ستين وستمائة لأبي هلال عياد بن سعيد الهنتاتي وأدال به من أخيه الأمير أبي حفص فأقام واليا عليها إلى أن هلك ببني ورا سنة ثلاث وسبعين وستمائة كما قدمنا وعقد عليها من بعده لإبنه محمد وكان له غناء في ولايته واضطلع بأمره إلى أن هلك المستنصر وولي ابنه الواثق فبادر إلى انقياد طاعته وبعث وفد بجاية ببيعتهم ثم قلد أبو الحسن القائم بالدولة أخاه إدريس ولاية الأشغال ببجاية فقام بها وأفنى الأموال وتحكم في المشيخة وأنف محمد بن أبي هلال من استبداده عليه فهم إدريس بنكبته فخشي محمد بن أبي هلال بادرته وداخل بعض بطانته في قتله وفاوض الملأ فيه فعدوا عليه لأول ذي القعدة سنة سبع وسبعين وستمائة بمقعده من باب السلطان فقتلوه ورموا برأسه إلى الغوغاء والزعانف فبعثوا به.
ووافق ذلك حلول السلطان أبي إسحاق بتلمسان وكان عند بلوغ الخبر إليه بمهلك أخيه المستنصر أجمع أمره على الإجازة لطلب حقه بعدما تردد برهة ثم اعتزم وعاد إلى تلمسان ونزل على يغمراسن بن زيان فقام لمورده واحتفل في مبرته وفعل أهل بجاية وابن أبي هلال فعلتهم وخشوا بوادر السلطان بالحضرة فخاطب السلطان أبا إسحق وأتوه ببيعتهم وبعثوا وفدهم يستحثونه للملك فأجابهم ودخل إليها آخر ذي القعدة من سنته فبايعه الموحدون والملأ من أهل بجاية وقام بأمره محمد بن هلال ثم زحف في عساكره إلى قسنطينة فنازلها وبها عبد العزيز بن عيسى بن داود فامتنعت عليه فأقلع عنها إلى أن كان من أمره ما نذكره.

.الخبر عن خروج الأمير أبي حفص بالعساكر للقاء السلطان أبي إسحاق ثم دخوله في طاعته وخلع الواثق.

لما بلغ الخبر إلى الواثق ووزيره المستبد عليه ابن الحببر بدخول السلطان أبي إسحق بجاية شيع العساكر إلى حربه وعقد عليها لعمه أبي حفص واستوزر له أبا زيد بن جامع فخرج من تونس واضطرب معسكره بجباية.
وعقد الواثق على قسنطينة لعبد العزيز بن عيسى بن داود لذمة صهر كانت له من ابن الجببر فتقدم إلى قسنطينة ومانع عنها الأمير أبا إسحق كما ذكرناه ثم اضطرب رأي ابن الجيد في خروج الأمير أبي حفص وأراد انفضاض عسكره فكتب الواثق إلى أبي حفص ووزيره ابن جامع يغري كل واحد منهما بصاحبه فتفاوضا واتفقا على الدعاء للأمير أبي إسحق وبعثوا إليه بذلك واتصل الخبر بالواثق وهو بتونس منتبذا عن الحامية والبطانة فاستيقن ذهاب ملكه وأشهد الملأ وانخلع عن الأمر لعمه السلطان أبي إسحق غرة ربيع الأول من سنة ثمان وسبعين وستمائة وتحول عن قصور الملك بالقصبة إلى دار الأقورى وانقرضت دولته وأمره والبقاء لله وحده.